[رواية] Red Circles ; البارت الثلاثون

rc-2nd-poster-ch2-joied

~الجزء الثلاثون : جثة حيَّة~

مرت ثلاثة أشهر !

ثلاثة أشهر منذ اختفاء تاكاشي دون أثر

قد تكون الثلاثة أشهر مدة قصيرة ولكنها كانت كالسنين بالنسبة لي , كانت مليئة بالأحداث و التجددات وسوف أحكي ما حدث خلالها

ها قد دخلنا في سنة دراسيّة جديدة و أصبحت في المرحلة الثالثة

آخر سنة لي بالمدرسة

حصلت تغييرات كبيرة في حياتي منذ ذلك الوقت

أصبح شعري طويلاً نوعاً ما يصل إلى كتفاي , فكرت أن أقصه ولكن شعرت بأنه من الأفضل ألا أفعل, كأن شخصاً أخبرني أن أدعه يطول ولكنني لا أتذكر من تحديداً

على أي حال أنا أجده لطيفاً و مزعجاً في نفس الوقت

التغيير الأكبر هو أنني قد عدت إلى منزلي .. رغم وجود العجوز هناك حاولت تجاهل وجودها

أجبرتني على أخذ دروس الفنون القتالية التي توارثتها عشيرتنا ولكنني أجدها جيدة في قضاء بعض الوقت المفيد و تحريك نفسي فقد كنت معتادة على أن ارتاد نادي الملاكمة في الماضي

بالنسبة إلى نادي القراءة خاصتنا فقد إنحلَّ بعدما اختفى تاكاشي بسبب قلّة الأعضاء , وحلَّ محله نادٍ جديد هذه السنة أُسميَ بنادي المكتبة *لا أرى أي تغيير* قد انضمّت له آياني ولكنني فضلت عدم الإنضمام لنوادٍ أخرى

فضّلت قضاء وقت فراغي في المدرسة بالجلوس وراء مبنى المسرح مع ماو و أخذ القيلولات الطويلة هناك على العشب فكالعادة ليس لدي أصدقاء لقضاء الوقت معهم .. لا أكذب عندما أقول أن لدي ارتباط شديد بهذا المكان , لقد حدثت الكثر من المغامرات هنا مع أصدقائي .. و مع تاكاشي!

على ذكر الفراغ لم يكن هناك الكثير من الساحرات في الفترة الأخيرة بسبب وجود القسم الخامس عشر و إطلاق قواهم بشكل أوضح و تنظيفهم المستمر للمدينة و المدن المجاورة

طرقهم ليست كطريقتنا في الختم ولا أدري تماماً كيف يفعلونها

لقد نسيت أهم تغيير قد طرأ في الثلاثة أشهر ..

الساحرات و الحراس و السحرة و كلا القسمان 15 و14  .. لم يعود كل هذا سراً عن العالم !

الجميع أصبح يعلم بوجودهم ولا يحدث أن تمشي في مكان عام ولا تسمع أحداً يتكلم عن هذه الأمور

بعض الأشخاص يظنون أن الساحرات منظمة إرهابية و الآخر يظنها أشباح ثائرة و الآخر يعتقد بأنها مجرد خرافات أُطلِقت قبل فترة للضحك وتخويف الأطفال من الخروج متأخراً

بالأخص مدرستنا! أصبح الجميع يعلم بوجود السحرة فعلاً ويؤمن بهم بعدما رأوا أول مثال واقعي ..

حادثة أخذ تاكاشي !!

بدأ البعض يتظاهر بأنه ساحر أو مشعوذ وغيرها من الإلتباسات الطفولية الكاذبة التي تهدف إلى لفت الإنتباه و إخافة الطلبة المتنمرين

تظاهرت بنفسي عدم مقربتي القوية بتاكاشي كي لا يشك أحدٌ بحقيقتي أيضاً

أكثر شيء قد أفرحني بعد هذه الثلاثة أشهر هو أمر واحد .. ظهور والدي !

بالرغم من أن هذا اللقاء قد جلب لي بعض القلق و الخوف ..

-Flashback-

دخلت يين مبنى مدام إم و فتحت الباب بتردد

يين : “مرحباً؟ مدام إم هنا؟”

ظهرت مدام إم و قالت بابتسامة : “أهلاً بكِ تاكيدا يين , لدي ضيف مميز لكِ”

يين بتحير : “ضيف؟!”

التفتت يين لوجود شخص يجلس على الأريكة في الجهة اليسرى من المدخل

وقف الضيف و اتسعت عينا يين ببطء وهو يستدير

تقدم نحو يين بخطوات بطيئة ثم قال بنبرة حنين : “لقد مضى وقت طويل , لقد نحفتِ كثيراً يين”

ظلت يين تحدق بصدمة لثانية ثم صرخت فجأة : “ماذا تفعل هنا ؟!! تظهر وجهك لي هكذا؟! أتعلم كم عانيت أيها الغبي؟”

و أستمرت يين بالصراخ و ضرب رأسها و شد شعرها بانفعال شديد فاقترب والدها بسرعة ليحتضنها بقوة و أستمرت بالحركة و التحدث بكلمات غير مفهومة حتى انهمرت دموعها وتحولت الكلمات إلى أنين

تضرب والدها و تدفعه وكل ما فعله هو احتواء غضبها بصمت ثم بدأت بالهدوء تدريجياً  والتوقف عن الحراك الهستيري

ببطء هدأ أنينها و أحاطت ذراعاها بتردد ظهر والدها لتبادله العناق

بعدها .. جلبت مدام إم صينية تحمل كأسين من الماء و كوبين من الشاي الساخن ووضعتها على المنضدة

مدت يين يدها كي تأخذ كأس الماء فارتعشت وسقط الكأس ساكباً الماء على المنضدة فبسرعة أمسك والد يين الكأس قبل أن يسقط على الأرض ووضعه مكانه ثم تناول الكأس الآخر و قرّبه من يين لتشرب

قال تسوباسا : “على رسلكِ يين”

أبعدت يين يده و كأنها غضبت عند سماع صوته مجدداً

قالت مدام إم : “تسوباسا يبدو بأنها متعبة لنؤجل النقاش لاحقاً”

قالت يين فجأة : “كلا لن نؤجلَ شيئاً , لابدَ من ظهوركَ المفاجئ هذا سبب ما و أنا أريد معرفته حالاً”

مدام إم : “يين ليس من الضروري أن تضغطي على حالك , لقد كدتِ أن تنهاري للتو يمكننا تأجيل الموضوع و الاسترخاء الآن”

يين بتهجم : “لست في مزاج للإسترخاء أبداً .. ” التفتت إلى والدها ثم أكملت “لدي الكثير من الأسئلة .. لماذا اختفيت ولماذا تركتني ورائك هكذا؟”

قال تسوباسا  وهو مُطأطأٌ رأسه : “أنا آسفٌ صغيرتي , لقد كنتُ هارباً طوال هذه المدة كي أنهي واجبي .. اختفيت باحثاً عن الشيء الذي سينقذنا و يخلصنا نهائياً منهن .. من الساحرات”

أتسعت عينا يين بصدمة ثم قالت : “ما هو؟!”

أخرج والدها كتاباً أسود , ولكنه لم يبدوا كالكتب العادية التي استخدمتها يين أو تاكاشي وبقية الحراس .. لقد كان مخملياً ذو كعب و حوافٍ ذهبية

قالت يين بتعجب : “كتابٌ أسود؟”

تدخلت مدام إم في النقاش فجأة قائلاً : “ليس أي كتاب أسود , إنه الكتاب الأصلي من السحرة القدماء .. لقد كان منه ثلاث نسخ إثنان منهم تدمرا على يد أبناء الساحر العظيم و قيل أن الثالث قد تم إخفائه في أنقاض أرض المنظمة , بسبب احتوائه على تعاويذ محرمة و خطيرة”

نظرت يين إلى والدها وقالت : “ألهذا أنت هربت؟ لقد سرقت الكتاب من المنظمة!”

قال والدها : “لم أسرقه بل أستخرجته لأجلهم .. لقد كان تحت خمسة طوابق تحت الأرض داخل عشرين ختم و حاجز , حاول الكثير من الأجيال السابقة استخراجه ولكنهم لم يستطيعوا و عندما نجحت أنا طالبوني بأن أعطيهم الكتاب ولكنني لم أثق بهم فهربت وأخذته معي”

يين : “حسناً وما ميزته؟”

عقدت مدام إم ذراعيها و قالت بجدية : “تعويذة ختم الساحرات التي أستخدمها الساحر العظيم !”

دُهشت يين بما سمعت فسرعان ما تحول صمت دهشتها إلى انفعال و قالت : “ماذا؟! إذن لماذا لم تسلمهم الكتاب؟ كان من المفترض أن تعطيهم إياه!!”

قال تسوباسا بجدية : “صغيرتي أنتِ لا تفهمين .. إن تم تنفيذ التعويذة أغلب الحراس سيموتون في ثانية , وهذا يشمل أبنتي”

صمتت يين للحظة .. ثم قالت مدام إم : “التخلص من جميع الساحرات سيكلف هذا الكثير من الأرواح , هذا شيءٌ لا يستدعي التهور .. ثم أنه يتطلب وجود جميع ورثة العشائر”

قالت يين بهدوء : “إذن أسلافنا الذين ختموا الساحرات من قبل و وقفوا مع الساحر ذاك قد ماتوا بعد يوم الختم؟”

مدام إم : “حسب الأسطورة بعضهم مات و البعض الآخر بقي لعدة أيام فقط , باختصار أن هذه التعويذة تستهلك الكثير من مدة حياتهم أكثر من الختم العادي”

تسوباسا : “إنه مجرد إعتقاد ليس أكيداً ما حصل بعدها”

وضعت يين يديها على رأسها و قالت : “هذا هراء ..”

وقف تسوباسا و قال : “سيكون هذا الكتاب بحوزتكِ الآن , حتى يظهر ورثاء بقية العشائر .. علمت أن أقربهم لنا هم الآنزاي”

رفعت يين رأسها وقالت : “الآنزاي؟!”

مدام إم : “الأهم الآن هي النبوءة المشؤومة التي تكهن بها كهنة بعض العشائر التي أعرفها , لقد سمعت بأنه سيصبح هناك مجزرة عظيمة تحت الأرض”

يين : “تحت الأرض؟ أيعني ذلك المنظمة؟”

مدام إم : “هذا صحيح .. لا أعلم بالتفاصيل ولكنني أصدق بهذا الأمر”

ضحكت يين ضحكة مصطنعة وقالت : “ههه جميعكم تتحدثون بالألغاز .. هل هذا اختبار أو ما شابه؟”

وضع تسوباسا الكتاب على المنضدة و قال : “أظن بأننا قد تحدثنا كثيراً , يجب أن أرحل الآن”

يين : “مهلاً! ستذهب هكذا؟ ألن تعود و تبقى في المنزل كالسابق”

أبتسم والدها قائلاً : “أسف يين .. ولكنه ليس الوقت المناسب كي أعود”

-end flashback-

 

لم يسعني الوقت لأسأل و أفهم المزيد , لقد قال أبي وريث الآنزاي !

أهذا يعني أن تاكاشي من عشيرة ملعونة؟

ولكنه حارس طبيعي و أنا متأكدة من ذلك .. حتى أنني لم أسمع بعشيرة ملعونة تدعى الآنزاي هه

كل يوم أظل أفكر , ماذا حدث لتاكاشي؟

هل هو حي الآن؟

ما نوع التجارب التي يجريها القسم الرابع عشر أيضاَ؟ .. سمعت أن عدداً من الحراس قد تم أخذهم ولم يعد أحد بعد

و قد سمعت أيضاً أن أغلبهم يموتون بسبب تلك التجارب !

رغم أنهم يعودون للحياة ولكن كل شيء ممكن من علماء يعرفون كل شيء تقريباً عن الحراس و أكثر منا أيضاً

أكثر شيء أعرفه عن هذا القسم .. هو رغبتهم الشديدة في الحصول على أحد أفراد العشائر الملعونة

و إن حصلوا على أحدنا , فسوف نهلك لا محالة !

-end pov-

“هذا خاطئ .. يجب أن تثني ركبتكِ هكذا ثم تهجمي”

يين : “آسفة سينسي”

المعلم : “خطأ مرة أخرى! إنها المرة الواحدة و الثلاثون ولا تستطيعين إتقانها”

أنزلت يين قبضتها و صرخت : “هلّا توقفت عن قول خطأ خاطئ خطأ؟! أن هذه الكلمة فقط تجعلني أثور و أخطئ”

التفَّ كفّه بسرعة حول معصم يين و ثبّت يدها في الهواء فجأة ثم قال : “ماذا قلتُ لكِ عن ضبط النفس أيتها آنسة؟”

زفرت يين بتضجر ثم ترك المعلم يدها و قالت : “سأعيدها مجدداً”

تراجعت يين إلى الخلف ووقفت على العشب .. باعدت بين ساقيها و أغمضت عيناها ثم أخذت نفساً عميقاً

فتحت عيناها ثم ألتفت مرتين لتركل ركلة عالية في الهواء

قالت يين بنفس منقطع : “كيف هذه المرة؟”

نظر إليها المعلم هيديوشي بتفكير ثم قال : “ليسَ سيئاً , الآن جربي أن تهجمي على هكذا”

ابتسمت يين بحماسة هذه المرة

نظر المعلم إلى ساعته فجأة ثم قال : “لحظة! لقد انتهى وقت تدريبنا لليوم سنكمل غداً ولكن يجب أن تقومي بإحماء قبل ذلك”

زمجرت يين بتضجر ثم قالت : “سأذهب لأستحم”

وفي ذلك الوقت ..

سُمع صوت جرس منزل عائلة ناغاتا

“كيكو هلّا فتحتي الباب؟”

كيكو : “حسناً”

نظرت من ثقب الباب لتجده رجلاً غريباً

همست وهي تفتح الباب ببطء قائلةً : “أهو صديق سييتشي؟”

وقفت أمام الرجل وقال لها بلطف : “مرحباً سيدتي , هل أنتِ ناغاتا كيكو؟”

قالت بارتباك و توتر شديد : “أمم نعم إنها أنا , هل أنتَ من الشرطة؟”

قال : “يمكنكِ قول ذلك .. أنا من القسم الخامس عشر”

قالت : “هـ هل هناكَ مشكلة؟”

أكمل قائلاً : “قريبكِ آنزاي تاكاشي .. قد تم إطلاقه من القسم الرابع عشر و أتيت لأعيده إلى منزله”

وقفت السيدة كيكو ممسكةً بالباب و ملامح الصدمة تعلوا وجهها

قالت بصوت مرتجف : “ت-تاكاشي .. حي؟!”

وصل زوجها أمام الباب ليقول : “مالذي يؤخركِ عند الباب يا كيكو؟ من هذا؟!”

قال الرجل الذي من القسم15 : “مرحباً سيدي , لقد تم إخراج آنزاي تاكاشي من القسم14  وهو الآن هنا”

سييتشي : “ماذا؟ الفتى عاد؟”

قال الرجل : “نعم سأحضره هنا”

التفت نحو السيارة المصفحة على الشارع و أشار للرجل الآخر بالنزول

دخلت كيكو المنزل بسرعة و جلست على الأريكة ثم تبعها زوجها وبدأت تتنفس بصعوبة

قال زوجها على الفور : “كيكو هل أنتِ بخير؟”

وضعت يدها على جبينها و قالت بغضب : “أنا لا أصدق ما فعله هذا الفتى لتأخذه الشرطة! حتى أنني سمعت من مدرسته انه كان يمارس أنواعاً من الشعوذة و ما إلى ذلك .. لقد ظللت طوال هذه المدة أفكر بالكثير من الكلام لأعاتبه و أصفعه على وجهه ولكنني لا أعرف ماذا سأفعل إن رأيته الآن”

قطب حاجبيه و قال : “حتى أنا لا أصدق بأن تاكاشي قد يدخل للسجن”

دخل العميل إلى صالة الجلوس ثم قال مقاطعاً حديثهم : “قريبكم لم يذهب إلى السجن يا سيدي , لقد كان فقط في إحدى مختبراتنا بالقسم14 .. و الباقي لا يمكنني إطلاعكم عليه”

رفعت السيدة ناغاتا رأسها بتعجب

أدار الرجل رأسه نحو الباب وقال بصوت عالٍ : “يمكنكَ إدخاله الآن”

تقدم الرجل الآخر و بجانبه تاكاشي

اتسعت عينا كيكو عندما رأته لأول مرة منذ شهور .. لقد تصورت أن يعود تاكاشي نفسه الذين كان عليه من قبل ولكن عيناها قد خيبتا ظنها

دخل غرفة الجلوس مطأطأً رأسه مرتدياً معطفاً ذو قبعة على رأسه .. بشرته البيضاء أصبحت باهتة و هالات سوداء كثيفة تحت عينيه

وكانَ مكبلاً بأصفاد من نوع غريب و ثخين حتى حول رقبته و آثار وبقع حمراء على جلده

أخرج العميل الأول جهازاً وضغط على زر لتفتحَ أصفاده ثم أخذها العميل الآخر وقال بابتسامة مريبة : “لا تقلقوا أنه مطيع جداً ولن يؤذي أحداً”

بينما نظرات الخوف و التعجب تملآن وجهي كيكو و زوجها سييتشي كأن وحشاً قد تم إطلاقه بالمنزل

أكمل الرجل قائلاً : “لقد تفاهمنا مع مدرسته و سوف يتمكن من العودة إلى الدراسة غداً , ولكنه سيبقى بنفس مرحلته السابقة بسبب تفويته للمدرسة سابقاً”

ابتسم العميل الآخر ابتسامة صغيرة و قال : “لقد انتهى عملنا الآن .. ليلة هنيئة” انحنى ثم رحل الرجلان خارجاً

منذ تلك اللحظة لم ينطق تاكاشي بحرف أو يرفع عينيه من الأرض

قالت كيكو بتوتر : “يبدو بأنكَ متعب , سـ سأفتح لك غرفتك و أنظفها لك”

ذهبت عمته نحو غرفته ثم التهم الصمت المكان لدقائق فنطق سييتشي بعدها قائلاً : “أين تم أخذك طوال هذه الفترة؟ شكلك مزري جداً”

لم يجبه تاكاشي أو يقم بأي حركة فكرر قائلاً وبغضب : “ألم تسمع سؤالي؟”

في تلك اللحظة رفع تاكاشي عينيه نحو زوج عمته فجأة مما جعله يرتبك و قال بعدها : “يبدوا بأنهم قد قطعوا لسانك , سأخلد للنوم .. يجدر بك النوم باكراً أيضاً”

بعد دقائق .. ذهبت عمته إلى المطبخ لتعد شيئاً لتاكاشي

قامت بتسخين بعضاً من أرز العشاء و وضعت كأساً من العصير في الصينية

توجهت نحو غرفته لتضعها له و عندما وصلت إلى الباب توقفت فجأة و أسقطت جميع ما في الصينية من يدها بصدمة

وجدت تاكاشي ينظر للمرآة عارٍ من الأعلى و على ظهره خياطة ممتدة من مؤخرة رأسه حتى مؤخرة ظهره مغلقٌ بغرز من المعدن

و كذلك الأمر ذاته على رسغيه

مما زاد الصدمة سوءً هو عندما أسقطت كيكو الصينية ألتفت تاكاشي للخلف و رأت الغرز على رقبته الأمامية!

سقطت على الأرض كأنها رأت مسخاً بشعاً أمامها و هي ترجف

استدار تاكاشي و تقدم خطوة فصرخت : “كلا!! لا تقترب!”

أمسكت بطرف الباب محاولةً الوقوف و حاولت أن تهدأ ثم رفعت الطبق من الأرض وهي تلملم الأرز بيدها و تنظر إلى تاكاشي بخوف و حذر ثم غادرت مسرعة

في صباح اليوم التالي..

دخل تاكاشي صفه الذي من المفترض أن يكون قد أجتازه

نظر الطلاب إليه بنظرات استغراب و قرف , إنه ليس من العادي أن يدخل شخص ذو غرز على رقبته و ذراعيه بين طلاب طبيعيين ؟

جلس بجانب فتاة ترتدي نظارات و ظلت تحدق فيه بنظرات متعجبة

بدأت الحصة و دخل المعلم الفصل ثم أنحنى الطلاب و جلسوا في مقاعدهم

بينما تاكاشي ظل جالساً , نظر المعلم إليه بنظرة حادة ولكنه تجاهل تصرف تاكاشي ظناً منه أنه من الطلاب المثيرين للمشاغب

كان تاكاشي يجلس بآخر الصف غير منتبهٍ أبداً إلى المعلم و يعبث بغرز رقبته طوال الوقت بينما الفتاة ظلت تحدق به أكثر فأكثر

رفعت الطالبة يدها فجأة فقالت : “أيها الأستاذ هل يمكنني تغيير مقعدي؟”

قال لها : “كلا ناتسوكو أبقي على مقعدك” ثم أكمل شرحه

عادت لتجلس و تكمل تحديقها في تاكاشي الذي يعبث بغرزه ففُتحَت قليلاً و سقطت على الطاولة إحدى الدبابيس التي كانت عليه

فتحت الطالبة فمها بصدمة و تغيرت تعابيرها للإشمئزاز

وقف تاكاشي فجأة من مقعده و نظر كل الصف إليه

قال المعلم بانزعاج : “هل هناك شيء آنزاي تاكاشي؟”

تقدم تاكاشي نحو مكتب المعلم و ازداد التوتر و همسات الطلاب بالفصل

انفعل المعلم قائلاً : “ا-ارجع الى مقعدك رجاءً!”

تقدم تاكاشي أمام المكتب و أخذَ دبّاسة تخصَ الأستاذ

رفع تاكاشي الدباسة ووضعها على عنقه فقام بالضغط عليها و تدبيس الجزء المفتوح من غرزته فجأة و أمام جميع الطلاب

تعالت أصوات شهقاتهم و أصوات التذمر و الخوف

تراجع المعلم للوراء ثم صرخ قائلاً و بارتباك : “ما الذي تظن نفسكَ فاعلاً .. أخرج من الفصل حالاً”

توجه تاكاشي نحو الباب و حمل معه الدباسة بلا اكتراث لما فعله أمام الجميع

فقط تلك النظرة الميتة على عينيه و اللامبالاة متجهاً نحو اللاشيء بصمت

وقت فسحة الغداء ..

تسارعت خطوات ركض فانتهت بصوت احتكاك توقف مفاجئ خلف يين

التفتت يين خلفها و وجدتها آياني تلهث و يديها على ركبتيها

يين : “آياني؟ ما الآمر؟”

آياني : “يين يجب أن تأتي إلى قاعة الطعام بسرعة”

يين باستغراب : “لماذا ما الذي يحصل هناك؟”

أمسكت آياني يد يين بقوة و سحبتها إلى خارج الفصل بسرعة

يين : “لحظة أريد أن أنهي غدائي أولاً”

وصلت كلاهما أمام بوابة القاعة فاندهشت يين بأعداد الطلبة المحتشدين حول شيء ما في نهاية قاعة الطعام

آياني : “يجب أن تري هذا”

يين وهي تتقدم بين الحشود : “ماذا أهو قتال حمقى؟”

توقفت يين عندما وصلت إلى الصفوف الأمامية و رأت ما رأت

إنه تاكاشي!

كان يقف هناك و أمامه طالبان يبدوان من ذوي المشاكل

قال أحدهم : “إذا شربتَ شيئاً ما ألن يتسرب من تلك الغرز على رقبتك”

تعالت أصوات ضحكاتهما و ضحك البعض من الطلاب الآخرين

قال الآخر : “لماذا تحمل دبّاسةً في جيبك طوال الوقت؟ هل لتقوم بتدبيس شطيرتك و أكلها؟”

ضحكا مجدداً بينما ظل تاكاشي واقفاً بصمت يرمقهما بنظرة شديدة البرود

همست آياني ليين التي كانت تراقب بصدمة و عينان متسعتان : “يين لقد عادَ تاكاشي! لكن يبدو بأنه في ورطة مع هؤلاء المتنمرين”

أزاحت يين بعينها و توجهت للخارج بسرعة

نادت آياني بعلوٍ : “يين انتظري..!”

وفي وسط الجدل استدار تاكاشي ليرحل و لكن أحد الطالبين أمسك كتف تاكاشي وقال : “هيي أين تظن نفسكـ”

بسرعة أمسك تاكاشي بذراعه و أدارها نحو ظهره فضربه تاكاشي بالدباسة تحت عنقه حتى سقط أرضاً و بقوة

نظر الطالب الآخر بصدمة و ركض هارباً متعثراً من شدة الخوف

أعاد تاكاشي الدباسة إلى جيبه ثم استدار نحو الطلاب ليخرج من قاعة الطعام فتشتتوا بسرعة مرعوبين

قال الفتى الذي على الأرض فجأة مما أوقف تاكاشي : “أنت! ألا تعلم الحقيقة الآن؟ الجميع يعرف بأنك مشعوذ حقير .. لا أعلم لماذا تم إطلاق سراحك ولكنكَ لن تظل تحوم بالأرجاء طويلاً”

-yin pov-

لم أكن قادرة على استيعاب ما رأيته أمامي !

لم أصدق أنني رأيت تاكاشي .. تاكاشي قد عاد فعلاً

ولكنه مختلف تماماً .. بشرته أصبحت باهتةً أكثر من ذي قبل و السواد يملأ أسفل عيناه بشكل كئيب جداً

حتى شعره قد أصبح مختلفاً فقد أصبح محلوقاً قليلاً من الأسفل و طويلاً من الأعلى

استطعت رؤية ذلك , تلك الغرز المخيفة التي تحيط بجسده

في عنقه و رسغاه و تحت رأسه !

لا أعلم ما حدث له هناك بالتحديد ولكنه لم يكن شيئاً رحيماً أبداً

شعرت بألمٍ في صدري .. لو أنني كنت في ذلك الوقت موجودة بجانبه لما حدث ما حدث

رحلت آياني إلى صديقاتها و وقفت بجانب بوابة القاعة من بعيد خلف جدار بارز كي لا ينتبه لي أحد

خرج تاكاشي فتقدمت نحوه ببطء و قلت بتوتر : “تاكاشي!”

حاولت إخفاء توتري ولكنه عندما توقف لم يلتفت إلي بل أدار عينيه نحوي فكشفني وجهي

لقد كنت خائفة قليلاً لا أعلم لماذا

هل لأنني أعتقد بأنه قد نسيني أصلاً وأخذ القسم ذكرياته ؟

أدار عيناه للأمام مجدداً و سار دون أن يتفوه بكلمة

هل تجاهلني للتو؟! لقد أثار ذلك غضبي حقاً

ولكن يبدو بأنه حقاً لا يتذكرني

لم أتمالك نفسي فأمسكت بيده فجأة و قلت : “أنتظر لحظة!!”

توقفَ و توقفت أنا عن الحراك .. نظر إلي مستغرباً لردة فعلي و لازلت أمسك بيده

في تلك اللحظة تجمدت أفكاري و مشاعري , لمست بيدي جلده اليابس و البارد .. نعم لقد كان بارداً جداً

كأن تاكاشي جثة حية تتنفس و تتحرك !

حركت أصابعي برفق و تحسست الغرز التي برسغه , ارتعشَت يدي فسحب يده عني بقوة ورحل دون أن يقول شيئاً مجدداً

لا أدري ما الموقف الذي صنعته للتو ولكنني متأكدة بأنني كنت في أقصى حالات غبائي

ياللإحراج ..

-END pov-

أنتهى وقت الحصص وهم الجميع للخروج

خرج تاكاشي من المدرسة و توجه نحو الشارع إلى طريق لا يؤدي إلى منزله

كان ذلك الطريق مبهماً جداً و غريباً حتى على طالب أن يمر هناك فوصل إلى تلك الأحياء الفقيرة و البعيدة

لا تختلف كثيراً عن القطاع الذي يوجد به مبنى مدام إم

توقف تاكاشي أمام رجل يرتدي معطفاً طويلاً و قبعة مهترئة يجلس على طوبة أمام الزقاق ..

رفع الرجل رأسه وقال بنبرة مستفزة : “ماذا تريد هنا أيها الطالب , أرحل أنه ليس مكاناً للأولاد”

أدار تاكاشي رأسه نحوه و رمقه بنظرة باردة ثم رمى أمام الرجل الكثير من النقود

ركز الرجل في تاكاشي فلاحظ يداه , ابتسم ابتسامة خبيثة و اقترب قليلاً ثم همس : “ماذا تحتاج؟ لدينا أفضل الكلى  و الأكباد في السوق السوداء .. يوجد أيضاً قلب جديد من إمرأة عاشت حياة صحية”

رفع تاكاشي يده ثم أشار إلى أصابعه

تعجب الرجل ثم قال : “أصابع؟ ليس لدينا أصابع يا صديقي إبحث في مكانٍ آخر” ثم ضحك بخفة و جلس مكانه

خطى تاكاشي للأمام و توجه أعمق و أعمق في تلك الأزقة

حتى توقف أمام شخصين يبدوان كالعصابات , الأول يرتدي فنيلة ممزقة ذو أقراط في أذنيه و الآخر بمعطف وشعر محلوق

لمحا تاكاشي فابتسما لبعضهما ابتسامة خبيثة و تقدم أحدهما أمام تاكاشي و قال : “هيي أيها الفتى هل أنتَ ضائع؟”

فتوقف جامداً عندما لاحظ شكل تاكاشي المخيف ثم عاد لصاحبه و همس له : “لا يبدوا هذا الشخص عادياً”

فقال الآخر : “ههه انه قبيح جداً .. فلنتسلى قليلاً معه”

ببطء تقدم ذو الأقراط و وضع ذراعه حول تاكاشي و قال : “يبدو بأنك ضائع هل أدلك على منزلك؟”

حدق تاكاشي في يد الرجل

أتى الآخر و قال : “نعم فنحن أفضل من يدل المنازل في المدينة صدقني ههه”

لم يرد تاكاشي بشيء فغضب ذو المعطف قائلاً : “عندما يسألك الكبار يجب أن تتعلم الرد”

ابتعد ذو الأقراط عن تاكاشي و قال : “نعم تعلم الأدب قليلاً” فقام بشد أذن تاكاشي بقوة وهو يضحك فقام الآخر بضرب مؤخرة رأس تاكاشي

شعر ذو الأقراط بشيء سقط على كتفه فقال باستغراب : “آه ما هذا؟”

فوضع يده على كتفه ليستوعب أنها أذنه و يده مليئة بالدماء !

تراجع و سقط على مؤخرته وهو يصرخ بجنون و أذنه بيده

 قال الآخر بذعر : ” م م ماذا فعلت أيها الوحش!!” ثم ركض نحو تاكاشي ليلكمه

أخرج تاكاشي دباسته و ضرب بها رأس الآخر بقوة شديدة جعلته يفقد وعيه

بدأ الشخص ذو الأقراط بالصراخ أكثر و إلقاء الشتائم على تاكاشي فتقدم تاكاشي ببطء و أمسك وجه الرجل بقوة

قال الرجل وهو يلهث و يتعرق برعب : “أرجوك .. أرجوك لا تؤذني”

أطبق تاكاشي بأصابعه شفتي الرجل المرتجفة و قرب الدباسة من وجهه و دبّس فمه ست مرات

أخرج تاكاشي سكينه و ضغط عليها لتفتح وهو يقترب من الرجل

بعدها , كل ما سُمع ذلك الوقت في ذلك الزقاق هو أنين الرجل العالي فقط ..

في المساء ..

“أهلاً بعودتك”

دخل تاكاشي المنزل دون أن يتحدث و بيده كيساً بلاستيكياً و توجه نحو غرفته ببساطة

قالت كيكو باستغراب : “ما كانَ ذلك الكيس بحق السماء؟”

-نهاية البارت #30-

1 comments on “[رواية] Red Circles ; البارت الثلاثون

  1. البوستر ووووااااااوووووو.
    ياخي ماشاءالله عليك والله رسمك وخيالك رهيبين ماشاءالله إنك ترسمين شي زي كذا, حتى لبسهم نفسه وإنك ترسمينه كذا شي مثير للإعجاب صدق.
    إيه وشي ثاني, ما أصدق وصلت للتشابتر الثلاثين 😐
    تقريبًا النهاية قربت؟ ما أبغى الرواية تخلص أحس ما تهنيت فيها وقريتها زي الناس :(

    ” لقد حدثت الكثر من المغامرات هنا مع أصدقائي .. و مع تاكاشي! ”
    يا عمري والله حزنتني 😭😭💔💔💔

    ” ببطء هدأ أنينها و أحاطت ذراعاها بتردد ظهر والدها لتبادله العناق ”
    أومايقاد :(
    ياخي مدري ليش ذكروني بأوميبوز وكاقورا؟
    الزبدة يا زينهم حبيتهم, أبوها شكله كيوت مرة :( 💖💖💖

    ” ولكنه حارس طبيعي و أنا متأكدة من ذلك ”
    وش ذا ياخي أحسبه حارس عادي وآخرتها طلع من عشيرة ملعونة؟ 😐😐😐

    ” قد تم إطلاقه من القسم الرابع عشر و أتيت لأعيده إلى منزله” ”
    😐😐😐😐😐💔💔💔💔💔

    ” وقال بابتسامة مريبة : “لا تقلقوا أنه مطيع جداً ولن يؤذي أحداً” ”
    ووووججججعععع وش سووا فيه ذول 😞😞😞

    ” وجدت تاكاشي ينظر للمرآة عارٍ من الأعلى و على ظهره خياطة ممتدة من مؤخرة رأسه حتى مؤخرة ظهره مغلقٌ بغرز من المعدن ”
    -جلطة-

    ” رفع تاكاشي الدباسة ووضعها على عنقه فقام بالضغط عليها و تدبيس الجزء المفتوح من غرزته فجأة و أمام جميع الطلاب ”
    ووووششششذذذاااا أومايقاد…….

    ” فقط تلك النظرة الميتة على عينيه و اللامبالاة متجهاً نحو اللاشيء بصمت ”
    بسم الله الرحمن الرحيم وش صار له ذا 😐

    ” قالت كيكو باستغراب : “ما كانَ ذلك الكيس بحق السماء؟” ”
    لا يكون ماخذ أعضاءهم بس ☺

    أوكي التشابتر اللي راح وقلنا يحمس ويحزن ومدري وش…
    بس عاد ذا التشابتر؟ ي ج ل ط…
    ياخي وش ذا كل سطر يصدم أكثر من اللي قبله…
    وتاكاشي أومايقاد ظهوره يصدم والتغيير الفظيع اللي صار عليه يصدم أكثر.
    بس عاد علشان أكون صريحة يعني… عجبني أكثر بهالشخصية الدموية 😂🏃🏃🏃
    الزبدة التشابتر ررررهههههيييييبببببب وتحمست بشكل فظيع للي بعده, أهنيك جد على التطور الرائع بالأحداث, الرواية صدق صارت تجنن وفيه تطور كبير مرة فيها.
    بانتظار التشابتر الجاي.

أضف تعليق